Tuesday 5 May 2009

الفصل الثالث ..قوة الحالة النفسية


هل سبق وأحسست بأنك لا يمكن أن ترتكب أي خطأ ؟

أو مررت بوقت أحسست فيه بأن كل شيء يسير على مايرام؟

ربما كان ذلك أثناء مباراة للتنس حزت فيها على نقطة من كل ضربة أو اجتماع عمل حصلت فيه على كل ماتريد من إجابات وربما كان ذلك وقت فعلت فيه شيئا بطوليا أو مهما لم تكن تظن أن لديك القدرة على إنجازه
ومن المحتمل أن تكون قد مررت بتجربة على عكس ذلك تماما
مثل يوم لم يمض منه أي شيء على مايرام وربما تتذكر أحيانا فشلت فيها في أشياء كنت تفعلها بكل اليسر

وأحيانا كانت فيها كل خطوة تقوم بها غير صحيحة

وأحيانا سدت أمامك فيها كل الأبواب ولم ينجح فيها أي شيء قمت بتجربته
فما هو الفرق بين الحالتين؟
فأنت نفس الشخص في كلتيهما ومن المفترض أن لديك الطاقات والقدرات في الموقفين

فلماذا تحقق نتائج ضعيفة مرة ثم تحقق نتائج مذهلة في المرة الأخرى؟

لماذا يمر أفضل الرياضيين بأيام يمضي فيها كل شيء على مايرام ثم تأتي أيام لا يستطيعون فيها تحقيق أدنى نتيجة؟
والفارق هنا هو الحالة الفسيولوجية العصبية التي تكون عليها
فهناك حالات تمنحك القدرة والثقة والحب والقوة الداخلية والسعادة والنشوة والإيمان

والتي تفجر فيك ينابيع القوة والقدرات الشخصية
وهناك حالات معوقة مثل الإرتباك والخوف والإكتئاب والقلق والحزن والإحباط التي تجعلك لا حول لك ولا قوة




وجميعنا يمر بأوقات جيدة وسيئة
هل سبق ودخلت مطعما فزمجرت النادلة قائلة: ماذا تريد؟ هل تظن أنها تتحدث بهذا الأسلوب دائما ؟
ربما مرت بحياة صعبة فكانت تلك طريقة تحدثها دائما
إلا أن هناك احتمالا أكبر بأنها مرت بيوم صعب نتيجة التعامل مع العديد من الزبائن وتعرضت للمضايقات من بعضهم فهي ليست إمرأة سيئة ولكنها في حالة ضيق شديد فإن استطعت أن تغير حالتها فبإمكانك أن تغير سلوكها
إن فهم الحالة النفسية هو مفتاح التغيير وتحقيق التفوق والسلوك يأتي نتيجة لحالتنا النفسية
إننا دائما نحقق أفضل ما يمكننا بالموارد المتاحة لنا إلا أننا أحيانا نجد أنفسنا في حالة لا حول لنا فيها ولا قوة
يقول أنتوني روبنز هناك أحيان في حياتي قلت أو فعلت فيها وأنا في حالة نفسية معينة أمرا ندمت أو شعرت بالخجل منه وربما يكون الأمر ذاته قد وقع لك ومن المهم أن تتذكر هذه الأحيان عندما يعاملك شخص ما بصورة سيئة
ومن ثم فإنك تخلق شعورا بالتعاطف بدلا من الغضب وتذكر أن سلوك النادلة أو غيرها من الناس لا يدل عليه تماما وعليه فمفتاح الأمر هو أن نتولى مسئولية حالاتنا النفسية ومن ثم سلوكنا
ماذا لو استطعت أن تشير بإصبعك فتصبح في حالة نفسية مفعمة بالنشاط وسعة الحيلة متى شئت وهي حالة تشعر فيها بالسعادة وتتأكد من تحقيق النجاح ويشع جسدك بالطاقة وعقلك بالحيوية
حسنا هذا أمر ممكن
بمجرد أن أكمل فصول هذا المرجع الهام ستعرف:
كيف تجعل نفسك في الحالة النفسية التي تكون فيها على أكبر درجة من سعة الحيلة والقوة
وأن تخرج نفسك من حالات العجز متى شئت وتذكر أن الفعل هو مفتاح القوة
وهدفي هو أن أشاركك طريقة استخدام الحالات النفسية التي تؤدي إلى أفعال قاطعة ومتناغمة وملتزمة
وسوف نعرف في هذا الفصل ماهي هذه الحالات وكيفية عملها
وسوف نتعلم كذلك كيفية السيطرة على حالاتنا النفسية لجعلها تعمل في صالحنا
ويمكن تعريف الحالة النفسية بأنها مجموع الملايين من العمليات العصبية
وبمعنى آخر فهي مجموع تجاربنا في أي لحظة زمنية
وتحدث معظم حالاتنا النفسية دون توجيه عن وعي منا
فنحن نرى شيئا فنستجيب له بواسطة الدخول في حالة نفسية ما
وقد تكون حالة نفسية رحبة ومفيدة وقد تكون حالة نفسية تتسم بالعجز والقصور
غير أن معظمنا لا يبذل الكثير من أجل السيطرة عليها
والفارق بين أولئك الذين يفشلون في تحقيق أهدافهم في الحياة وبين من ينجحون هو نفس الفرق بين من لا يستطيعون وضع أنفسهم في حالة نفسية تساندهم وأولئك الذين يستطيعون وضع أنفسهم في حالة نفسية تساندهم في إنجازاتهم
إن جميع مايريده الناس تقريبا هو حالة ممكنة
ضع قائمة بالأمور التي تريدها في الحياة
هل تريد الحب؟
حسنا الحب هو حالة عاطفة وشعور منبعث إلى أنفسنا ونشعر به في داخلنا استنادا إلى حافز معين من البيئة
هل تريد الثقة؟
هل تريد الإحترام؟
فهي جميعا أمور نخلقها فنحن نخلق هذه الحالات النفسية في داخلنا
وربما تريد المال
حسنا ألا ترغب في قطع صغيرة من الورق الأخضر تزينها وجوه مشاهير راحلين
إنك تريد ما يرمز له الحب مثل الثقة الحرية أو غيرها من الحالات التي يمكن أن يساعد في توفيرها المال
وعليه فإن مفتاح الحب ومفتاح السعادة ومفتاح القدرة التي سعى الإنسان وراءها على مر الإنسان هي
القدرة على توجيه حياته أي القدرة على معرفة كيفية توجيه وإدارة حالاتك النفسية
وتعلم كيفية إدارة عقلك بشكل فعال هو المفتاح الأول لتوجيه حالتك النفسية وتحقيق النتائج التي ترجوها في الحياة
ومن أجل ذلك فإننا في حاجة إلى أن نتعلم القليل عن طريقة عملها
أن نعرف مالذي يوجد الحالة النفسية في المقام الأول
ولقرون ظل الإنسان مبهورا بطرق تغيير حالاته النفسية ومن ثم تغيير تجاربه في الحياة
وقد جرب لتحقيق ذلك الصوم والعقاقير والشعائر الدينية والموسيقى والطعام والغناء وغير ذلك
ولكل من هذه الأشياء طرق استخدامها وأوجه قصورها
إلا أنك الآن سوف تتعرف على طرق لها نفس الدرجة من القوة بل أسرع وأكثر دقة في العديد من الحالات
لو كان السلوك برمته نتيجة الحالة النفسية التي نحن عليها لربما اختلف تواصلنا وسلوكنا عندما نكون في حالة تتسع فيها جعبتنا عما نكون ونحن في حالة نشعر فيها بالعجز
ومن هنا فإن السؤال التالي هو : مالذي يؤدي إلى الحالة النفسية ؟
هناك مكونان أساسيان للحالة النفسية :
الأول :
هو تمثيلنا الداخلي
والثاني:
هو حالة استخدام فسيولوجيتنا ( علم وظائف الأعضاء)
إن كيفية تصورنا للأمور إضافة إلى حوارنا الداخلي الذاتي أي مانقوله لأنفسنا حول الموقف الراهن كليهما يخلقان الحالة النفسية التي نكون عليها ومن ثم يخلقان السلوك الذي يصدر عنا
على سبيل المثال:
كيف تعامل شريك حياتك أو صديقك عندما يحضر متأخرا عن موعده ؟
حسنا سيتوقف ذلك لدرجة كبيرة على الحالة النفسية التي تكون عليها عندما يصل صديقك وسوف تتحدد حالتك بدرجة كبيرة بما كنت تمثله في عقلك كسبب للتأخير
فلو تبادر إلى ذهنك أن هذا الشخص الذي يهمك قد يكون تعرض لحادث أو حدث له نزيف أو توفى أو يعالج في المستشفى فعندما يدخل هذا الشخص من الباب فقد تقابله وعينك مغرورقة بالدموع أو بتنهيدة ارتياح أو بالعناق و بالسؤال عما حدث – ينبع هذا السلوك من حالة القلق

غير أنك لو تصورت أن لمحبوبتك علاقة سرية أو أخبرت نفسك مرارا وتكرارا أن هذا الشخص يتأخر لمجرد
أنه لا يهتم بوقتك أو بمشاعرك لاختلف استقبالك له تماما عندما يعود هذا المحبوب إلى البيت وذلك نتيجة لحالتك النفسية وسوف تتولد مجموعة جديدة تماما من السلوك عن حالة الشعور بالغضب أو الشعور بالإستغلال

والسؤال التالي البديهي:
مالذي يجعل الشخص يمثل الأمور بدافع حالة القلق في حين يخلق آخر تمثيلا داخليا يضعه في حالة شك أو غضب؟
حسنا هناك عوامل كثيرة لذلك وربما نكون قد حاكينا ردود أفعال آبائنا أو غيرهم ممن نحتذي بهم في هذه المواقف
على سبيل المثال:
إذا كانت والدتك تقلق دائما عندما يعود والدك متأخرا إلى البيت فقد تمثل أنت أيضا الأمور بصورة تقلقك
ولو قالت أمك أنها لا تثق بوالدك فربما تكون قد حاكيت هذا النموذج
ومن هنا فإن معتقداتنا ومواقفنا وقيمنا وخبراتنا الماضية مع شخص معين إنما تؤثر على طرق تمثيلنا لسلوكهم

بل إن هناك عاملا أهم وأقوى في كيفية نظرتنا وتمثيلنا للعالم ألا وهو نمط إستخدامنا لفسيولوجيتنا فتوتر العضلات ومانأكله وطريقة تنفسنا وطريقة جلوسنا والمستوى العام لعمل كيميائنا الحيوية لكل لذلك أثر كبير على حالتنا النفسية
ويعمل التمثيل الداخلي وفسيولوجيا الجسم معا في دائرة لضبط أجهزة الجسم
فأي شيء يؤثر على أحد الأجهزة يؤثر على الآخر
ومن ثم فإن تغيير الحالات النفسية ينطوي على التمثيل الداخلي وعلى تغيير فسيولوجيا الجسم
فإذا كان من المفترض أن يكون شريك حياتك أو طفلك أو حبيبك في البيت فتكون في أحسن حالاتك النفسية والفسيولوجية
والعكس إذا فكرت في أن يكون قد وقع له حادث مروري فتصاب بحالة من التوتر العضلي والآلام أو إنخفاض نسبة السكر في الدم فسوف تميل إلى تمثيل الأمور لنفسك بصورة تضخم مشاعرك السلبية
فكر في هذا الأمر:
عندما تفكر بأنك حيوي من الناحية الفسيولوجية وبأنك في أتم نشاطك ألا تنظر إلى العالم من منظور مختلف عما عليه الحال لو كنت متعبا أو مريضا؟
إن حالتك الفسيولوجية تغير الطريقة التي تنظر بها إلى العالم ومن ثم تغير رؤيتك له
فعندما تنظر إلى الأمور على أنها صعبة ومحبطة ألا يمضي جسمك على نفس المنوال ويصبح متوترا؟
ومن هنا فإن هذين العاملين يتفاعلان مع بعضهما البعض دائما لخلق الحالة النفسية التي نكون عليها والحالة التي نكون عليها وتحدد نوع السلوك الذي يصدر عنا
كيف نخلق حالتنا النفسية وسلوكنا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التمثيل الداخلي
ــــــــــــــــــــــــــ

مالذي نصوره في عقولنا وكيف نفعل ذلك؟
ماذا نقول ونسمع في عقولنا وكيف نقوم بذلك؟




السلوك
ـــــــــــــــــ

القول – لفظي
الفعل – جسمانية
تغيير لون الجلد
التنفس








الفسيولوجيا
ـــــــــــــــــــ

الجلسة
الكيمياء الحيوية
الطاقة العصبية
التنفس
توتر العضلات – الإسترخاء


من أجل السيطرة على سلوكنا وتوجيهه يجب أن تتوفر لنا القدرة على التحكم في حالتنا النفسية وتوجيهها
وذلك بالتحكم في تمثيلنا وفسيولوجيتنا الداخلية
عليك فقط أن تتخيل أن تكون مسيطرا بنسبة مائة في المائة على حالتك النفسية في أي وقت
وقبل أن نوجه تجاربنا في الحياة علينا أولا أن نتفهم الطريقة التي نتعرض فيها للتجربة
فالإنسان لكونه من الثدييات يستقبل ويمثل المعلومات عن بيئته من خلال مستقبِل وهي الحواس الخمسة التي تتضمن التذوق والشم والرؤية والسمع واللمس
ونحن نستخدم في اتخاذ قراراتنا التي تؤثر على سلوكنا ثلاثة من هذه الحواس بصورة رئيسية هي : الرؤية والسمع واللمس
وتنقل هذه المستقبلات الحافز الخارجي إلى المخ
ومن خلال عملية التعميم والتحريف والإسقاط يأخذ المخ بعد ذلك هذه الإشارات الكهربائية ويرشحها لتمثيل داخلي
ومن ثم فإن التمثيل الداخلي خبرتك بالحدث ليست بالضبط ما حدث بل هي الأحرى إعادة عرض داخلي شخصي له
ولا يستطيع العقل الباطن للفرد أن يستخدم جميع الإشارات التي ترسل إليه
فمن المحتمل أن تصاب بالجنون لو اضطررت للإحساس عن وعي بآلاف المنبهات بدءا بنبض الدم في إصبعك الأيسر إلى اهتزاز أذنك
ولذلك فإن المخ يرشح ويخزن المعلومات التي يحتاجها أو يتوقع أن يحتاجها في المستقبل ويسمح للعقل الباطن للفرد أن يتجاهل الباقي.
توضح عملية الترشيح ذلك الفرق الكبير في المنظور الفردي
فيمكن لشخصين أن يشاهدا حادثا مروريا واحدا إلا أنهما يقدمان وصفين مختلفين للحادث فقد يهتم أحدهما أكثر بما رآه في حين يهتم الآخر أكثر بما سمعه فقد رأي كل منهما الحادث من زوايا مختلفة واستقبله بفسيولوجية مختلفة
ففي حين كان يتمتع أحدهما بنظر حاد فمن الممكن أن يكون للآخر قدرات جسمانية ضعيفة
وربما تعرض أحدهما نفسه لحادث ولديه تمثيل مجسم فجرب في عقله فعلا وبصرف النظر عن الموقف فإن كليهما سيكون له تمثيل مختلف والتمثيل الداخلي كمرشحات جديدة والتي من خلالها سوف يرون الأمور في المستقبل


وهناك مفهوم مهم يستخدم في البرمجة اللغوية العصبية
( الخريطة ليست هي نفس الأرض التي تمثلها ) وكما نوه ألفريد كورزايبسكي في كتابه بعنوان ( العلم والعقل )



ينبغي الإشارة إلى خصائص مهمة للخرائط
فالخريطة ليست هي نفس المنطقة التي تمثلها لكن إن كانت صحيحة فسيكون لها نفس هيكل المنطقة
وهذا هو مايفسر نفعها
ومعنى ذلك بالنسبة للأفراد هو أن تمثيلهم الداخلي ليس تفسيرا دقيقا للحدث فهو مجرد تمثيل تم ترشيحه من خلال المعتقدات والإتجاهات والقيم وأمر آخر يسمى بالبرامج العليا
وربما كان هذا هو السر وراء قول أينشتين
( إن كل من يحاول أن ينصب نفسه حكما في مجال الحقيقة والمعرفة سوف تقهره ضحكات الآلة )

وبما أننا لا نعرف حقا ماهي حقيقة الأمور بل كيفية تمثيلها لأنفسنا فلماذا إذا لا نمثلها بطريقة تمنحنا القوة نحن والآخرين بدلا من تحويلها إلى قيود؟
ومفتاح تحقيق ذلك بنجاح هو
إدارة الذاكرة بتكوين تمثيل يخلق باستمرار الحالات النفسية التي تمد الفرد بأكبر قدر من القوة
ففي أي تجربة من تجارب الحياة يمكن أن يكون لديك الكثير من الأشياء التي باستطاعتك التركيز فيها
وحتى أنجح الأفراد يمكن أن يفكر في الفشل أو الأمور التي لا تسير على مايرام
ويعاني من حالة الإكتئاب والإحباط أو الغضب أو أن يركز على الأشياء التي تنجح في الحياة
ومهما كانت بشاعة الموقف فإن بإمكانك أن تمثله بصورة تمنحك القوة
وللناجحين القدرة على توليد الحالات النفسية لديهم حيث يكونون خلالها على قدر كبير من سعة الحيلة بصورة دائمة
أليس هذا هو الفرق بين من ينجحون ومن لا ينجحون؟
فكر مرة أخرى في دبليو ميتشل فلم يكن المهم ماحدث له بل الطريقة التي مثل بها ما حدث
وبالرغم من إصابته بالحروق ثم بالشلل فقد وجد طريقة لدفع نفسه في حالة يتمتع فيها بالقدرة وسعة الحيلة
وتذكر أن كل شيء في الأصل ليس جيدا أو سيئا فالقيمة هو مانمثله لأنفسنا على أنه قيمة
وبمقدورنا أن نمثل الأشياء بصورة تضعنا في وضع إيجابي أو بإمكاننا أن نفعل العكس
تأمل لبرهة أوقاتا كنت فيها في حالة نفسية تشعر فيها بالقوة

وهذا هو مانفعله في مثال السير على النار

لو طلبت منك أن تترك هذا البحث وتقوم الآن لتسير على سرير من الفحم المتوهج الساخن فإنني أشك كثيرا في أنك ستستجيب

فذلك ليس من الأشياء التي تؤمن بقدرتك على القيام بها




وربما لم تربط بين الحالات النفسية والمشاعر التي تتمتع فيها بسعة الحيلة وبين هذا العمل
ومن ثم فعندما أتحدث عن هذا الأمر فربما لا تصبح في حالة نفسية تساعدك على القيام بهذا العمل

إن السير على النار يعلم الناس تغيير حالاتهم النفسية وتغيير سلوكهم بطريقة تمنحهم القوة على الفعل وتحقيق نتائج جديدة على الرغم من الخوف أو غيره من العوامل المفيدة

فمن يسيرون على النار لا يختلفوا عمن دخلوا من الباب وهم يعتقدون أن السير على النار أمر مستحيل

غير أنهم تعلموا كيف يغيرون فسيولوجيتهم

وتعلموا كيف يغيرون تمثيلهم الداخلي تجاه مايستطيعون وما لا يستطيعون فعله

ومن ثم فإن السير على النار يتحول من أمر يبعث على الرعب إلى شيء يعرفون أنهم يقدرون على القيام به

وهم الآن قادرون على أن يصبحوا في حالة نفسية تتسع فيها حيلتهم

ويستطيعون وهم في هذه الحالة القيام بالعديد من الأفعال والنتائج التي كانوا ينظرون إليها في الماضي على أنها أمر مستحيل
والسير على النار يساعد الناس على تكوين تمثيل داخلي جديد لما هو ممكن

فلو أن الأمر الذي بدا مستحيلا بسبب القيود العقلية

فما هي الأمور المستحيلة الأخرى التي تعد في الواقع أمورا يمكن تحقيقها

إن التحدث عن قوة الحالة النفسية مختلف تماما عن تجربتها وهذا هو ما يحققه السير على النار

فهو يقدم نموذجا جديدا للإيمان بما هو ممكن كما يخلق شعورا داخليا جديدا أو حالة تواصل نفسي عند الأفراد
وهو شعور يمكنهم من تحسين حالهم ويمكنهم من القيام بأمور أكبر كثيرا مما حلموا بقدرتهم على القيام بها من قبل فذلك يوضح لهم جيدا أن سلوكهم هو نتيجة الحالة التي هم عليها

ففي لحظة مع بعض التغيير في تمثيلهم للتجارب يصبحون على ثقة تامة بأن بإمكانهم القيام بأنشطة فعالة

ومن البديهي أن هناك الكثير من الطرق لتحقيق ذلك

فالسير على النار هو أحد الطرق المثيرة والممتعة التي نادرا ما ينساها الناس

ومن ثم فإن مفتاح النتائج التي ترغبها هي أن تمثل الأشياء لنفسك بطريقة تجعلك في حالة نفسية تمنحك سعة الحيلة لكي تكون لديك قوة للقيام بأعمال تؤدي إلى النتائج المرجوة

وفي العادة فإن العجز عن تحقيق ذلك يعني الفشل في مجرد محاولة فعل ما ترغبه
وفي أحسن الأحوال تقوم بمحاولة ضعيفة فاترة تؤدي إلى نتيجة مماثلة

لو قلت لك: ( لتمش على النار) فإن المنبه الذي أقدمه لك بالكلام أو بلغة الجسم يذهب إلى عقلك حيث يكون لقولي تمثيل

لو تخيلت أناسا في أنوفهم أقراطا يشاركون في شعيرة بشعة أو أناسا يُحرقون لن تكون في حالة نفسية جيدة

ولو كونت تمثيلا لنفسك وأنت تحترق فسوف تزداد حالتك النفسية سوءا

غير أنك لو تخيلت أناسا يرقصون ويصفقون ويحتفلون معا
ولو أنك شاهدت منظرا ممتلئا بالبهجة والسعادة فسوف تصبح في حالة نفسية مختلفة تماما
ولو رأيت لنفسك تمثيلا وأنت تمشي بسعادة وفي أتم صحة ولو أنك قلت نعم أستطيع ذلك تماما

ثم حركت جسمك دلالة على ثقتك التامة عندها فإن هذه الإشارات العصبية سوف تجعلك في حالة نفسية أكثر إحتمالا لأن تقوم بالفعل والسير
والأمر ذاته يصدق على كل شيء في الحياة فلو مثلنا لأنفسنا أن الأمور لن تسير على مايرام أو تنجح فسيكون ذلك

وإذا كونا تمثيلا مفاده سير الأمور على مايرام أو نجاحها فإننا سنخلق الموارد الداخلية التي نحتاجها لتحقيق الحالة النفسية التي سوف تساندنا في تحقيق نتائج إيجابية

إن الفرق بين تي تيرنر ولي إيكوكا ودبليو ميتشل وغيرهم هو أنهم يمثلون العالم كمكان يمكن لهم فيه أن يحققوا أي نتائج يرجونها ومن البديهي أننا ونحن حتى في أفضل حالاتنا النفسية لا نحقق دائما النتائج التي نرجوها أما عندما لا نحقق الحالة النفسية المناسبة فإننا نخلق أفضل فرصة لاستخدام جميع مواردنا بفاعلية

والسؤال المنطقي الآن هو : إذا كان التمثيل الداخلي والفسيولوجي يعملان معا لخلق الحالة النفسية التي ينبع منها سلوكنا

فما الذي يحدد نوع السلوك الذي يصدر عنا عندما نكون في هذه الحالة ؟

إن الشخص الذي يشعر بحالة حب قد يعانقك في حين أن شخصا آخر قد يكتفي بأن يقول لك أحبك

الإجابة تكمن في أننا عندما نصبح في حالة نفسية ما يقوم عندها المخ باستكشاف خيارات محتملة للسلوك وتحدد النماذج التي كنا نحتذي بها في عالمنا عددا من الخيارات
فالبعض عندما يغضب يكون لديه نموذج رئيسي لكيفية الإستجابة

ولذا فربما استشاطوا غضبا كما تعلموا ذلك بمشاهدة والديهم

وربما أنهم قاموا بتجربة شيء فنجحوا في الحصول على مايريدون فأصبح ذلك ذاكرة مخزنة للكيفية التي يكون عليها رد فعلهم في المستقبل



إن لدينا جميعا رؤانا عن العالم ونماذج تشكل منظورنا لبيئتنا




ومن خلال الناس الذين نعرفهم ومن خلال الكتب والتلفاز والأفلام نشكل صورة للعالم والأمور الممكن حدوثها فيه

وفي حالة دبليو ميتشل كان هناك أمر واحد شكل حياته وهو ذكرى رجل عرفه في صباه وكان الرجل معاقا إلا أنه حول حياته إلى إنتصار

ومن هنا كان لميتشل نموذجا أو قدوة ساعدته على تمثيل موقفه على أنه أمر لا يمنعه البتة من أن يحقق نجاحا هائلا



إن ما نحتاجه عند الإقتداء بالآخرين هو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن نجد المعتقدات المحددة التي تجعلهم يمثلون الألم بصورة تسمح لهم بتصرفات فعالة

ونحتاج لأن نجد على وجه التحديد كيفية تمثيلهم لرؤيتهم للعالم

ما الذي يتصورونه في عقولهم ؟ وما الذي يقولونه ؟ وما الذي يشعرون به؟

ومرة أخرى لو أرسلنا نفس الرسائل داخل أجسامنا فإن بإمكاننا أن نحقق نفس النتائج وهذا هو مانسميه بالمحاكاة

وتحقيق النتائج بصورة دائمة هو من الأمور الثابتة في الحياة

فإذا لم تحدد عن وعي النتائج التي ترغب في تحقيقها مع تمثيل الأمور تبعا لذلك فإن باعثا خارجيا سواء كان محادثة أو برنامجا تليفزيونيا أو خلافه يمكن أن يولد حالة نفسية يتمخض عنها سلوك لا يساندك


إن الحياة مثل النهر فهي متحركة

ويمكن أن تقع تحت رحمة النهر إن لم تقم بأفعال متعمدة وعن وعي لتوجيه نفسك صوب الغاية التي حددتها من قبل
وإذا لم تغرس البذور الذهنية والنفسية للنتائج التي تريدها فسوف تنمو الاعشاب الضارة مكانها تلقائيا

وإذا لم نوجه عن عمد عقولنا وحالاتنا النفسية فإن بيئتنا يمكن أن تخلق حالات نفسية غير مرغوبة وخطرة

ونتائج ذلك يمكن أن تكون مأساوية ومن هنا فمن الأهمية بمكان في كل يوم أن نقف على أعتاب عقولنا لحمايتها

أي أن نعرف عن وعي كيف نمثل الأشياء لأنفسنا


وقصة كارول وولندا من فريق والندا الطائر هي مثال قوي على كون المرء في حالة نفسية غير مرغوب فيها

كان كارل يؤدي لسنوات الأكروبات الهوائية دون أن يفكر مطلقا في إمكانية الفشل

فلم يكن السقوط ببساطة جزءا من تكوينه الذهني

ولكن بعد مرور بضع سنوات بدأ يحكي لزوجته عن رؤيته لنفسه وهو يسقط

ولأول مرة يمثل لنفسه بشكل مستمر صورة السقوط

وبعد ثلاثة شهور من تحدثه لأول مرة عن هذا الأمر سقط كارل ميتا قد يقول البعض أن ذلك كان نبوءة منه

ولكن وجهة النظر الأخرى تقول أنه أعطى جهازه العصبي تمثيلا مستمرا وإشارة وضعته في حالة نفسية دعمت سلوك السقوط فقد خلق هذه النتيجة بنفسه

لقد قدم لعقله طريقا جديدا يمضي فيه وهو ماحدث في نهاية المطاف

وهنا يكمن السر وراء الأهمية القصوى للتركيز في الحياة على ما تريد بدلا مما لا تريد

فلو ركزت بصورة مستمرة على الأشياء السيئة في الحياة أي الأمور التي لا تريدها أو المشكلات المحتملة

فإنك بذلك تضع نفسك في حالة نفسية تدعم هذا السلوك وهذه النتائج


على سبيل المثال:

هل أنت ممن يشعرون بالغيرة؟

كلا لست كذلك ربما خلقت في الماضي حالات نفسية للشعور بالغيرة والسلوك الذي يتمخض عنها

ومع ذلك فأنت وسلوكك أمران مختلفان

فعن طريق وضع هذه التعميمات عن نفسك فإنك ستخلق إعتقادا سينمو ويوجه أفعالك في المستقبل

وتذكر أن سلوكك هو نتيجة حالاتك النفسية وأن حالتك النفسية هي نتيجة تمثيلك الداخلي ونتيجة فسيولوجيتك

وأنت تملك القدرة على تغيير أي منهما في غضون لحظات

ولو كنت قد شعرت بالغيرة في الماضي فهذا يعني ببساطة أنك مثلت الأمور بصورة تسمح بخلق هذا الشعور

وبإمكانك أن تمثل الأمور بصورة تحقق حالات نفسية جديدة وسلوكا مصاحبا لها

وتذكر أن لدينا دائما الخيار في تمثيل الأمور لأنفسنا

فلو مثلت لنفسك أن محبوبك يخدعك فعما قريب ستجد نفسك في حالة غضب وثورة

ولتضع نصب عينيك أنك لا تملك الدليل على صحة ذلك غير أنك تشعر بذلك في جسمك وكأنه أمر حقيقي

وبناءا على ذلك فحتى يعود من تحب إلى البيت فإنك تكون في حالة غضب أو شك

وفي هذه الحالة النفسية كيف ستعامل من تحب؟

في العادة لن تعامله بصورة جيدة فقد تسيء إليه أو تهاجمه أو قد تكن شعورا غير جيد تجاهه في أعماقك

ثم تقوم بسلوك ردا على ذلك فيما بعد
وتذكر أن من يحبك قد لا يكون فعل أي شيء غير أن السلوك الذي صدر عنك في هذه الحالة قد يجعله يرغب في أن يكون مع شخص آخر
ولو شعرت بالغيرة فسوف تخلق هذه الحالة النفسية

وبإمكانك أن تغير تخيلاتك السلبية إلى تخيلات إيجابية يحاول فيها من تحب جاهدا أن يصل إلى البيت

وسوف تضعك عملية التخيل الجديدة تلك في حالة نفسية ستجعلك تتصرف عندما يعود من تحب إلى البيت بصورة تجعله يشعر أنك تريده ومن ثم ستزيد رغبته في أن يكون معك

وقد تأتي أحيان يفعل من تحب فيها ما تتخيله فعلا ولكن هل تضيع الكثير من المشاعر حتى تتيقن من ذلك حق اليقين ؟ في معظم الأحيان لا يحتمل أن يكون ذلك صحيحا ومع ذلك فإنك تخلق جميع أنواع الألم لكليكما ودون ضرورة لذلك


( التفكير هو أصل كل فعل )
( رالف والدو إيمرسون )


لو سيطرنا على تواصلنا مع الآخرين وأرسلنا إشارات مرئية ومسموعة وملموسة لما نريد

فمن الممكن أن نحقق نتائج باهرة بصورة مستمرة حتى في المواقف التي قد تبدو فيها فرص النجاح محدودة أو معدومة


وأقوى وأكثر المديرين والمدربين والآباء والمحفزين فاعلية هم أولئك الذين يستطيعون تمثيل الظروف لأنفسهم وللآخرين بصورة ترسل إشارات عن النجاح للجهاز العصبي على الرغم من كون المنبه الخارجي يائسا على ما يبدو
فهم يجعلون أنفسهم والآخرين في حالة دائمة من سعة الحيلة كي يتمكنوا من العمل حتى ينجحوا

وربما سمعت بــ ميل فيشر وهو الرجل الذي ظل سبعة عشر عاما يبحث عن كنز مدفون تحت سطح الماء حتى اكتشف في النهاية كنزا من سبائك الذهب والفضة قيمتة أربعمائة مليون دولار

وفي مقال قرأته عن الرجل سئل أحد الرجال بطاقمه عن سر بقائه معه طوال هذه المدة

فأجاب بأن ( ميل ) كانت له القدرة على بث التشويق في الجميع

وفي كل يوم كان فيشر يقول لنفسه ولطاقمه ( اليوم هو اليوم الموعود ) وفي نهاية اليوم يصبح الغد هو اليوم الموعود غير أن مجرد قوله لذلك كان كافيا لتشجيعهم

كما كان يقول ذلك بشكل يتناغم مع صوته والصورة الموجودة في مخيلته ومشاعره
وفي كل يوم كان يضع نفسه في حالة نفسية تمكنه من العمل والإستمرار في العمل حتى النجاح

إن ميل فيشر هو مثال تقليدي لوصفة النجاح المثلى فقد كان يعلم ما يريد وكان يعمل لذلك ويتعلم من أعماله الناجحة

فإن لم ينجح في شيء كان يجرب غيره حتى نجح في النهاية

يقول أنتوني روبنز إن ( ديك تومي ) هو أفضل المحفزين الذين عرفتهم في حياتي

وكان ديك كبير مدربي كرة القدم في جامعة هاواي لقد كان يعرف حقا تأثير التمثيل الداخلي على أداء الناس

وذات مرة في مباراة أمام جامعة دايوبنج تعرض فريقه لهزيمة ساحقة في بداية المباراة

وصلت النتيجة إلى عشرين مقابل لا شيء

وبدأ فريقه في موقف الندية هزيل جدا أمام دايوبنج

ولك ان تتخيل الحالة النفسية التي كان عليها لاعبو تومي
عندما دخلوا إلى حجرة تغيير الملابس في الإستراحة بين الشوطين

نظر تومي إليهم وهم مُطأطئي الرؤوس وأدرك أنهم مالم يغيروا من حالتهم النفسية فلن تقوم لهم قائمة في الشوط الثاني فقد كانوا من الناحية الفسيولوجية غارقين في دائرة مغلقة من الشعور بالفشل
ونتيجة لهذه الحالة النفسية لن يكون لهم القدرة على النجاح
ولذا أحضر ديك لوحة إعلانات عليها نسخ من مقالات جمعها عبر السنين وكان كل مقال يصف فرقا كانت مهزومة بنفس الفارق أو بفارق أكبر ثم فعلت المستحيل وفازت بالمباراة

وقد خلق في لاعبيه إعتقادا جديدا حيث أمر لاعبيه بقراءة المقالات وهو الإعتقاد بقدرتهم على تحويل الهزيمة إلى فوز وقد أوجد هذا الإعتقاد ( التمثيل الداخلي ) فيهم حالة عصبية جدا

فما الذي حدث بعد ذلك؟

فقد لعب فريق تومي مباراة العمر في الشوط الثاني حيث منع دايوبنج من التهديف طوال هذا الشوط

وفاز بسبع وعشرين مقابل إثنتين وعشرين نقطة وقد حققوا ذلك لتمكنهم من تغيير تمثيلهم الداخلي أي إعتقادهم بشأن ماهو ممكن

ويقول أنتوني روبنز منذ أمد ليس بالبعيد كنت على متن طائرة مع كن بلانشرد

الذي شارك في تأليف كتاب ( مدير الدقيقة الواحدة )
وقد كتب مقالا ( للجولف دايجست ) بعنوان ( لاعب جولف الدقيقة الواحدة )

فقد تعاقد مع أحد أفضل مدربي الجولف في الولايات المتحدة وكنتيجة لذلك تحسن أداؤه

وقد قال أنه تعلم جميع أنواع الفروق المفيدة إلا أنه يجد صعوبة في تذكرها
فأخبرته بأن يسعى وراء الفروق ( الفرق بين الأمرين هو المميز لأحدهما عن الآخر ) وقد سألته

إن كان قد ضرب كرة الجولف بصورة رائعة عن قبل فأجاب بأنه فعل ذلك بالطبع

فسألته إن كان قد فعل ذلك مرات عديدة فرد بالإيجاب

فأوضحت له أن الإستراتيجية أو الطريقة المحددة لتنظيم قدراته مسجلة بصورة واضحة في عقله الباطن

وأن كل ماعليه القيام به هو أن يعيد نفسه إلى الحالة التي استخدم فيها جميع المعلومات التي كانت لديه
وقد قضيت بضع دقائق في تعليمه كيفية الوصول إلى هذه الحالة ثم استعادتها عند الطلب

( سوف أتعرض لهذا الموضوع في فصل لاحق بإذن الله )
فما الذي حدث بعد ذلك لقد لعب أفضل مباراة له في الأعوام الخمسة عشر الماضية
وقلل من عدد ضرباته بمقدار خمس عشرة ضربة

فلماذا؟

لأنه لا توجد قوة تضارع قوة الحالة النفسية التي يكون لدى الإنسان فيها سعة الحيلة

ولأنه لم يكن كذلك في حاجة لأن يتذكر فقد كانت كافة الموارد التي يحتاجها متوفرة لديه

كان عليه فقط أن يطلق لها العنان

وتذكر أن السلوك الإنساني يكون نتيجة للحالة النفسية التي تنتاب المرء فلو سبق وحققت نتيجة ناجحة فإن بإمكانك أن تعيد تحقيقها بالقيام بنفس الأعمال الذهنية والجسمانية التي قمت بها وقتئذ

يقول أنتوني روبنز : قبل أولمبياد عام 1984 عملت مع ميتشل أوبرايان وهو سباح يشترك في سباق 1500 متر حرة كان أوبرايان يتمرن غير أنه شعر أنه لا يستخدم كامل طاقته في الإستعداد للنجاح


وقد وضع في مخيلته عوائق ذهنية عملت على ما يبدو على إعاقته

فقد كانت بعض المخاوف تساوره بشأن معنى النجاح

ومن هنا فقد كان هدفه هو الحصول على الميدالية البرونزية أو الفضية

ولم يكن كذلك من السباحين المرشحين للحصول على الميدالية الذهبية فقد فاز المرشح جورج دي كارلو عدة مرات على ميتشل
لقد قضيت ساعة ونصف الساعة مع ميتشل وساعدته على محاكاة آدائه وهو في أفضل حالاته
أي أن يكتشف كيفية الوصول بنفسه إلى أكثر الحالات الفسيولوجية التي يكون فيها واسع الحيلة

أي الأمور التي تخيلها وقالها لنفسه وما شعر به في المباراة الوحيدة التي هزم فيها دي كارلو

وبدأنا في تحليل ما قام به ذهنيا وجسمانيا فقد كان يفوز في هذه المباريات

وربطنا بين الحالة النفسية التي كان عليها في هذه المباريات وبين صوت طلقة بداية السباق

ووجدت أنه يستمع إلى ( هوي لويس ) والأخبار مباشرة قبل المباراة التي فاز فيها على جورج دي كارلو

ومن ثم فقد فعل نفس الشيء في الأولمبياد أي نفس ما قام به في اليوم الذي فاز فيه على دي كارلو حتى الإستماع إلى هوي لويس قبل المباراة

وقد هزم جورج دي كارلو وفاز بالميدالية الذهبية بفارق ست ثواني كاملة

ويكمل أنتوني روبنز هل شاهدت فيلم الحقول القاتلة؟




لقد كان به منظر رائع لن أنساه ما حييت حيث رأيت طفلا يبلغ الثانية أو الثالثة عشرة من العمر
كان يعيش في خضم فوضى الحرب ودمارها بكمبوديا
وفي إحدى اللحظات وهو في قمة الإحباط تناول بندقية آلية وقتل احد الأشخاص
لقد كان مشهدا يبعث على الصدمة
إن المرء ليتسائل كيف يصل طفل في الثانية عشرة من عمره إلى الحالة التي يمكن أن يفعل فيها ذلك ؟

حسنا..... لقد حدث أمرين:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولهما
ــــــــــــــ
إنه كان في شدة الإحباط مما أوصله إلى حالة نفسية أطلق فيها العنان للجوانب العنيفة من شخصيته
والثاني
ـــــــــــــــ
هو أنه يعيش في ثقافة مشبعة بالحرب والدمار لدرجة أن تناول بندقية آلية يبدو كرد فعل مناسب
لقد رأي آخرين يفعلون ذلك ومن ثم فإنه يفعل نفس الشيء ياله من مشهد سلبي للغاية
لقد حاولت التركيز على مشاهد أكثر إيجابية
ولكنه إيجاز مثير لما يمكن أن نقوم به ونحن في حالة نفسية معينة سيئة أو جيدة ولا يمكن أن نقوم به ونحن في حالة أخرى
إنني أركز على هذه النقطة مرارا وتكرارا من أجل أن أغرسها بداخلك

إن نوع السلوك الذي يصدر عن الناس هو نتيجة الحالة النفسية التي يكونون فيها

وتتوقف طريقة ردهم نتيجة لهذه الحالة على قدوتهم في الحياة أي إستراتيجياتهم العصبية


لم يكن في استطاعتي أن أجعل ميتشل أوبرايان يفوز بالميدالية الذهبية في الأولمبياد

بل كان عليه أن يعمل طوال حياته لتخزين الإستراتيجيات واستجابات العضلات وهلم جرا

ولكن كان باستطاعتي أن أجد كيف يمكنه إستدعاء أكثر قدراته فاعلية واستراتيجياته في النجاح عند الطلب وفي اللحظة الحاسمة التي يحتاج إليها فيها

يقوم معظم الناس بإعمال القليل من وعيهم لتوجيه حالاتهم النفسية

فهم يستيقظون ويشعرون بالإكتئاب أو بالنشاط وترفع الفرص الجيدة من معنوياتهم في حين تثبطهم الفرص السيئة واستخدام القدرات بفاعلية هو من الفروق التي توجد بين الأفراد في أي مجال من المجالات
ويتضح ذلك بوجه خاص في الرياضة فلا أحد ينجح طوال الوقت

غير أن هناك بعض الرياضيين ممن لهم القدرة على تسكين أنفسهم عند الطلب في حالة نفسية يتمتعون فيها بسعة الحيلة

والذين يكونون دائما على قدر الموقف الذي يشاركون فيه لأن لهم القدرة على استدعاء أفضل قدراتهم عند الإحتياج إليها عندما يكونون تحت أكبر قدر من الضغوط

إن تغيير الحالة النفسية هو مايسعى إليه معظم الناس
فهم يرغبون في الشعور بالسعادة والفرحة والنشوة والتركيز وهم يرغبون في الشعور براحة البال

كما يحاولون الإبتعاد عن حالات نفسية لا يرغبونها كالشعور بالغضب أو الضيق أو الإحباط أو الملل
ماذا يفعل معظم الناس؟
حسنا ...فالبعض منهم يقدم على مشاهدة التلفاز حتى يخرجوا أنفسهم من حالة الشعور بالإحباط أو الملل
أو أنهم يخرجون لتناول الطعام
والبعض الآخر يقوم بأشياء سلبية كالتدخين أو تعاطي المخدرات

وربما يقوم آخرون بأشياء إيجابية كممارسة التمارين الرياضية

والمشكلة الوحيدة لمعظم هذه الأشياء تتمثل في كون نتيجتها غير دائمة

فعندما ينتهي البرنامج التليفزيوني يبقى لديهم نفس التمثيل الداخلي عن الحياة

وهو ما يتذكرونه فتسوء حالتهم مرة اخرى وذلك بعد أن تستهلك أجسادهم الطعام المخدر

والآن يدفعون ثمن التغير المؤقت للحالة النفسية

وعلى النقيض فإنك من خلال هذا المرجع سوف تتعلم كيف توجه تمثيلك الداخلي وفسيولوجيتك دون استخدام المؤثرات الخارجية التي تؤدي إلى خلق مشكلات إضافية على المدى الطويل

لماذا يدمن الناس المخدرات؟

ليس لأنهم يحبون حقن أنفسهم بأيديهم بل لأنهم يحبون ذُل أنفسهم وليس لديهم طريقة اخرى للوصول إلى هذه الحالة ولقد رأيت شبابا ممن كانوا من المدمنين للمخدرات بشدة إلا أنهم أقلعوا عن هذه العادة بعد السير على النار والسبب هو أنهم حصلوا على قدوة اكثر رفعة لتحقيق نفس الشعور الطيب

وقد قال أحد الشبان ممن أدمن المخدرات أربع سنوات للمجموعة بعد أن انتهى من السير فوق النار
( لقد انتهى الأمر لم أشعر مطلقا من قبل بنفس الشعور العظيم الذي أحسسته بعد سيري فوق النار )
ولا يقصد بذلك أن يسير على النار بصورة منتظمة بل كان ما عليه أن يفعله هو استدعاء هذا الشعور الجديد بصورة منتظمة فمن خلال قيامه بشيء ظن أنه كان مستحيلا إكتسب نموذجا جديدا لما يمكن أن يقوم به من أجل أن يشعر شعورا طيبا

إن من حققوا التفوق هم ممن يتقنون الوصول إلى أكثر أجزاء عقلهم التي تتسم بالقدرة وهذا هو ما يميزهم عن بقية الناس

وأهم ما يجب أن تتذكره من هذا الفصل هو أن :
لحالتك النفسية قدرة هائلة وهي قدرة يمكن أن تتحكم فيها فلست مضطرا لأن تصبح تحت رحمة أي شيء يصادفك

وهناك عامل سوف يحدد مسبقا كيف ستمثل تجربتك في الحياة
وهو العامل الذي يقوم بعملية ترشيح للطريقة التي نمثل بها العالم أمام أنفسنا
ويحدد الحالات النفسية التي نخلقها بصورة مستمرة في مواقف معينة وقد أطلق عليها القوة العظمى


في الموضوع القادم سوف نتطرق إلى تحري القوة السحرية لـــ.... مولد التفوق ...النجاح
يــتــبـــع مــا قـبـلـه ومـا بـعـده بـإذن الـلــه